تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله-، أمس، بتدشين منظومة من مشاريع البنية الأساسية والتنموية والتعدينية في مدينة رأس الخير الصناعية، التي تعد أول مدينة تعدينية سعودية من نوعها على مستوى العالم، في حفل كبير حضره صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، وعدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء، والمعالي الوزراء والسعادة، والمسؤولين الحكوميين وفي القطاع الخاص، وعدد من أعيان المنطقة الشرقية.
واستهل الحفل الخطابي بكلمة لمعالي المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية قال فيها: "يُشرِّفُني، يا خادمَ الحرمين الشريفين، أن أقف بين يديكم، مُرحباً بكم، في موقع جديدٍ من مواقع الخير والعطاء والتنمية الوطنية، وأنتم تتفضلون، حفظكم الله، بتدشين مشروعات قطاع التعدين في مدينة رأس الخير الصناعية، فتأذنون، بذلك، أيدكم الله بوضع مدينة رأس الخير الصناعية على خارطة المنظومة الإنتاجية المتكاملة لاقتصاد الوطن، كصرحٍ صناعيٍّ كبير، وواحدٍ من إنجازات التنميةِ الحديثة في بلادنا، وتُعيدون إلى الذاكرة أحداثاً وذكريات هي محل فخر واعتزاز كل أبناء وطننا العزيز".
وأضاف الدكتور الفالح: "سيدي، كما بادر والدكم المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز، رحمه الله، ببصيرته الثاقبةِ إلى إطلاق الصناعةَ البتروليةَ السعودية فور اكتمال توحيد المملكة، ها أنتم اليوم تدشنون منظومة متكاملةً لقطاع التعدين في مدينة رأس الخير الصناعية، وتضعونها على منصة الانطلاق نحو آفاقٍ تنموية رحبة فيها، كل الخير والنماء والرفاه للمملكة وشعبها. يا خادم الحرمين الشريفين، إن ما نحتفي به اليوم ليس مجرّد افتتاحٍ لمنظومة صناعة تعدينية متميزة، وإنما هو تجسيدٌ حقيقي للسعي الحثيث والمدروس نحو تنويع مصادر الدخل والاقتصاد الوطني، عن طريق استثمار جميع الموارد المُتاحة في البلاد، وفتح الأبواب للصناعات الاستراتيجية لتعمل وتزدهر، مع كل ما يعنيه هذا التنويع من تعزيزٍ للدخل، واستقرارٍ للاقتصاد، ودعمٍ للنمو.
وأضاف: "لهذا، حرصنا، في إطار توجيهاتكم السديدة، أيدكم الله، على أن تقوم هذه المشروعات على نفس الأسس الراسخة التي أسهمت في نجاح المبادرات الاستراتيجية السابقة لها، وهي؛ الاستثمار الواعي والمُخطط له بإتقان لموارد البلاد وثرواتها، والالتزام بأرفع وأفضل المقاييس العالمية في التخطيط والتنفيذ، والسعي لتأسيس شراكات استراتيجية مع المؤسسات العالمية ذات العلاقة، والحرص على زيادة المحتوى المحلي في هذه المشروعات، والاستثمار الجاد والمستمر في الثروة البشرية الوطنية، بالتدريب والتأهيل وتوليد الوظائف. وقد سعت الحكومة، أيدها الله، لدعم وتطوير قطاع التعدين وفق معطيات تنافسية جديدة ومُتميزة، باستثمارات ضخمة تجاوزت مائة وثلاثين مليار ريـال سعودي، كُرِّست لتأسيس البنيةِ التحتيةِ من قطارات، وموانئ، ومحطات للكهرُباء والمياه، وإمداداتٍ من الغاز، والكبريت، ومصانع للفوسفات والأ لومنيوم مرتبطة بالمناجم التي أسستها شركة معادن، الشركة الوطنية القائدة لقطاع التعدين، والتي تُصنّف اليوم ضمن أكبر 10 شركات تعدين على مستوى العالم، وذلك في غضون 9 سنوات فقط منذ تخصيصها".
ومضى الوزير الفالح إلى القول: "وهنا، لا بد لي، يا خادم الحرمين الشريفين، من أن أقف وقفة تقديرٍ واعتزازٍ بشركاء النجاح، لأن ما تم هنا يُعدُّ إنجازاً نوعيًّا على المستوى الوطني، بل العالمي؛ فالمشروعات التي أُنجزت في مدينة رأس الخير الصناعية لم تكن لتتحقق بدون التعاون والتكامل بين أجهزة حكومية عدة، هي وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، ووزارة النقل، ووزارة المالية، ووزارة البيئة والمياه والزراعة، وصندوق الاستثمارات العامة، ومصلحة الجمارك العامة، والهيئة العامة للاستثمار، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، والمؤسسة العامة للموانئ، والشركة السعودية للخطوط الحديدية، إذ عملت هذه الجهات معًا، على مدى سنوات، بتنسيقٍ وتكاملٍ مستمرين". وحُق لنا، لذلك، أن نقول إن ما تحقق في مدينة رأس الخير الصناعية يُعدُّ مثالاً واضحاً لما تستطيع الدولة، أعزها الله، أن تُنجزه؛ من تشييد وتشغيل منظوماتٍ متكاملة من البنية الأساسية والصناعية، في طول البلاد وعرضها، بتضافرجهود جميع الأجهزة الحكومية لإنجازها، لتُقدِّم رسالة واضحةً إلى العالم أجمع، تثبت أنه متى ما وجدت العزيمة فإننا قادرون، على إنجاز ما يعُدّه الآخرون مستحيلاً، مثل هذه المشروعات بالغة التعقيد والصعوبة، لما فيه مصلحة اقتصادنا الوطني واقتصاد العالم".
وقدم د. خالد الفالح الشكر لشركاء النجاح قائلاً: "ولهذا، فإنني انتهز هذه الفرصة السانحة لأتقدم بالشكرِ الجزيلِ لكل شركائنا. وأخص بالشكر الشركة السعودية للخطوط الحديدية، لما بذلته من جهدٍ متميزٍ في إنشاء مشروع قطار الشمال، الذي يبلغ إجمالي طوله ٣٠٠٠ كيلو متر، والذي يربط وسط وشرق وشمال المملكة، باستثمارات بلغت ٢٥ مليار ريال، ذلك المشروع الذي بات أحد أهم الروافد الإسنادية لصناعة التعدين عن طريق خط التعدين الذي يخدم مدينة وعد الشمال، ومرافق شركة معادن في مدينة رأس الخير الصناعية، وسيخدم منشآت شركة أرامكو السعودية والمرافق الصناعية في الجبيل من خلال الشبكة التي تقوم الشركة بتنفيذها.كما أشيد، كذلك، بجهاز الهيئة الملكية للجبيل وينبع، التي تقوم بإدارة هذه المدينة بكل مهنية واقتدار، بعدما تسلمت مسؤولياتها من الجهات والشركات الأخرى".
سيدي خادم الحرمين الشريفين، كل ما ذكرته آنفاً، إنما هو تجسيدٌ لتوجيهات مقامكم الكريم، أيدكم الله، التي بموجبها استهدفت رؤية المملكة 2030، أن يصبح قطاع التعدين أحد ركائز الاقتصاد الوطني، إضافة إلى قطاعي البترول والبتروكيميائيات، وأن يُسهمَ في الناتج المحلي الإجمالي بما يصل إلى 240 مليار ريال سعودي.
وتناول معالي الوزير الفالح قطاع الصناعات البحرية قائلاً: سيدي خادم الحرمين الشريفين، لم تقتصر رؤيتكُمُ الثاقبة، حفظكم الله، على قطاع التعدين العملاق، بل تخطته لتشمل قطاعاتٍ تنمويةً جديدةً، تُسهم، هي أيضاً، في تنويع اقتصادنا وتوطين إمداداتنا، وتولّد عشرات الآلاف من الوظائف، وتفتح مجالات واسعة للاستثمار والابتكار. ومن هذه القطاعات الجديدة؛ قطاع الصناعات والخدمات البحرية، الذي يسرني ويُشرفني أن أُعلن أنكم، أيدكم الله،ستتفضلون فتؤسسون، بيدكم الكريمة، اليوم، انطلاقته الواعدة، هنا في مدينة رأس الخير الصناعية. إن إطلاقكم اليوم، حفظكم الله، لقطاع الصناعات والخدمات البحرية في المملكة، يتيح توطينًا نوعيًّا لأعمالٍ مهمةٍ جداً للمملكة والمنطقة والعالم، تشمل بناء منصات إنتاج البترول البحرية، وأجهزة الحفر، والسفن، بالإضافة إلى توفير خدمات الصيانة لهذا القطاع الحيوي.
"يا خادم الحرمين الشريفين.. إن بهجتنا لا توصف بتدشينكم، أيدكم الله، منظومة قطاع التعدين وانطلاقة الصناعات البحرية، هنا في مدينة رأس الخير الصناعية، وإننا لنأمل أن نتشرف، قريباً، بافتتاحكم مدينة وعد الشمال، وهي قصةٌ أخرى من قصص نجاح السعوديين في تنفيذ وتحقيق رؤى قادتهم، بالعلم والحزم والعزم، ولا شك أنه سيكون للقرار التاريخي الذي اتخذتموه، حفظكم الله، بتمويل البنية الأساسية لمدينة وعد الشمال، أكبر الأثر في قيام هذا المشروع الوطني ونجاحه. وختاماً أكرر الشكرَ لكم، يا خادم الحرمين الشريفين، لرعايتكم الكريمة لقطاع التعدين والصناعات البحرية، سائلاً المولى القدير أن يحفظكم قائداً ورائداً لنا، ويبارك لنا في مقدَّراتِ مملكتنا وثرواتها، وأن يحفظ لبلادنا أمنَها وشبابَها، الذين هم عماد نهضتها، وأن يمدُّنا بالشكر على نعمه التي لا تُعد ولا تُحصى".
ومن ثم تم عرض فيلم وثائقي عن صناعة التعدين في المملكة، حيث روى سيرة إنطلاق قطار الصناعة التعدينية في المملكة العربية السعودية، وعن المراحل التاريخية التي مر بها هذا القطاع البالغ الأهمية.
وبدأ حفل التدشين باستعراض قصة نجاح شابين سعوديين، قدما لخادم الحرمين الشريفين حجرين من خام البوكسايت وخام الفوسفات، ثم تفضل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بالضغط على "زر" افتتاح المشاريع التعدينية في مدينة رأس الخير الصناعية.
رأس الخير.. منصة انطلاق قطاع التعدين الحديث نحو «السعودية 2030»
ألقى المهندس خالد بن صالح المديفر الرئيس وكبير المديرين التنفيذيين في شركة التعدين العربية السعودية (معادن)، خلال التدشين كلمة قال فيها: "الله وعلى بركة الله. تدشنون بها يا خادم الحرمين الشريفين قطاع التعدين الحديث ومدينة رأس الخير الصناعية. لتكون ركيزة ثالثة للاقتصاد والصناعة السعودية ولتستمر بلادنا نبع للخير للوطن وللعالم. سيدي، إن مشاعر الفخر والاعتزاز التي يشعر بها سبعة آلاف موظف من ابنائكم في شركة معادن لا تضاهيها مشاعر وأنتم تباركون اليوم جهودهم، بتدشينكم منظومة صناعة التعدين الحديثة من أرض الخير. وفي رأس الخير. وستكون رأس الخير منصة انطلاق قطاع التعدين الواعد نحو تحقيق أهداف القطاع في روية السعودية 2030. وإن كان لـ"معادن" أن تفخر بما أنجزته في هذا الصرح الصناعي الكبير مدينة رأس الخير، فهي تفخر كذلك بثقة الحكومة بها لتأسيس مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية في "منطقة الحدود الشمالية"، ونحن في طريقنا بإذن الله لتحقيق الوعد بحسب ما خطط له. وقد علمتمونا يا سيدي حبً إنجاز ما فيه خير الوطن.. ولذا سنواصل يا خادم الحرمين العمل لترسيخ مكانتنا في صدارة شركات التعدين العالمية وكرافد أساسي للاقتصاد الوطني، حيث سنزيد من أعمال الاستكشاف لموارد التعدين في جميع أنحاء المملكة لمضاعفة احتياطاتنا من الموارد التعدينية".
واضاف: "بتوفيق الله ثم بمباركتكم يشرفني يا خادم الحرمين الشريفين أن أعلن بين يديكم اليوم عن بدء العمل بتطوير المشروع الثالث، للفوسفات بطاقة ثلاثة ملايين طن سنوياً، تماثل طاقة المشروع الذي دشنتموه هذا اليوم، تضاف تدريجياً وصولاً لكامل الطاقة الانتاجية في عام 2024، باستثمارات تقارب الأربعة وعشرين مليار ريال، وكذلك البدء في إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية لدراسة إضافة خط إنتاج ثالث للألمنيوم في رأس الخير. كما سنستمر في النمو في قطاعات الذهب والنحاس والمعادن الصناعية، ساعين إلى استشراف الفرص الاستثمارية واستقطاب الشراكات العالمية وتوطين التقنية".
وتابع: "سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظكم الله ورعاكم.. سيسجل التاريخ أنه في عهدكم المشرق تم تدشين قطاع التعدين السعودي الحديث مرتكزاً أساسياً للتنمية الشاملة المستدامة في ربوع الوطن الغالي. وختاماً. أسأل الله أن يحفظ لوطننا العز والرخاء. وأن يمدكم سيدي بعونه وتوفيقه. وأن يحفظكم ويبقيكم سيدي قائداً ملهماً وأباً حانياً وذخراً للوطن وأبنائه".
وفي ختام الحفل، أعلن وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية عن إطلاق اسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على مشروع الصناعات البحرية الذي أعلن اليوم عن إطلاقه.
35 مليار ريال إلى الناتج المحلي.. توطين التعدين.. 12 ألف فرصة وظيفية مباشرة
تشكل منظومة المشاريع المدشنة في مدينة رأس الخير الصناعية -الواقعة بالجهة الشمالية الشرقية من المملكة، وتطل على الخليج العربي- إسهاماً فاعلاً في تأسيس قطاع التعدين باعتباره ركيزة ثالثة للصناعة السعودية إلى جانب النفط والبتروكيماويات، ورافداً أساسياً جديداً للاقتصاد الوطني ببنيته وصناعاته الأساسية والتحويلية، ويتركز في صناعتي الألمنيوم والأسمدة الفوسفاتية، ومشاريع البنى الأساسية والتنموية، حيث بلغ حجم الاستثمارات فيها ما يزيد على 130 مليار ريال، تضيف إلى الناتج المحلي نحو 35 مليار ريال، إلى جانب نقل وتوطين تقنية الصناعات التعدينية في المملكة، فضلاً عن إسهامها في إيجاد 12 ألف فرصة وظيفية مباشرة، وعشرات الآلاف من الفرص غير المباشرة للمواطنين، سواءً في المصانع أو في مشاريع البنية الأساسية. وستشكل مشاريع مدينة رأس الخير منصة انطلاقة لتحقيق أهداف القطاع الواعدة بما يتفق مع رؤية المملكة 2030.
وتشمل مشاريع قطاع التعدين في رأس الخير ومشاريع البنية الأساسية التنموية منجم معادن للفوسفات في حزم الجلاميد بمنطقة الحدود الشمالية، ومنجم معادن للبوكسايت (المعدن الأساس في صناعة الألمونيوم) في البعيثة بالقصيم، ومشروع سكة الحديد المعروف بـ(قطار التعدين)، ومحطة تحلية المياه وإنتاج الطاقة الكهربائية، وميناء رأس الخير، مجمع مصانع معادن للفوسفات. مجمع مصانع معادن للألمنيوم. وكذلك مشاريع البنية الأساسية والتحتية، التي تنفذها الهيئة الملكية للجبيل وينبع في رأس الخير لدعم الصناعات التحويلية.
أحد عاملي معادن يصف مهام عمله أمام الملك